الاثنين، 28 نوفمبر 2011

كيف نفهم طفل ما قبل المدرسة؟


كيف نفهم طفل ما قبل المدرسة؟

مقدمة:
أثناء هذه الفترة من الحياة ينمو وعي الطفل بالانفصال والاستقلالية فلم يعد ذلك المخلوق الذي كان يحمل علي الكتف أو يحبو،إذا أراد أن ينتقل من مكان إلي آخر  بل صار الطفل الآن قادرا علي الوقوف علي رجليه والتحرك بواسطتهما بدرجة كبيرة من الثقة والتلقائية  أصبح أكثر تحررا وزادت قدرته علي النشاط الايجابي بشكل واضح  وإلي جانب ذلك، أصبحت لديه حصيلة لغوية يستطيع عن طريقها أن يعبر عن نفسه بحرية أكثر   فبعد أن كانت كلماته في بداية هذه المرحلة لاتعدو الخمسين كلمة أو تزيد قليلا،تصير بعد سنة واحدة(أي في سن الثالثة)حوالي ألف كلمة  ولايصل الطفل إلي سن الرابعة إلا ويكون قد سيطر تماما علي المهارة اللغوية 
ومن خلال خبراتهم المتنوعة يكشف الأطفال في بداية هذه المرحلة أن الوالدين لايعرفان دائما ماذا يريد أطفالهم، ولايفهمان في كل مرة حقيقة مشاعرهم، ولأن للأطفال اختياراتهم الخاصة،واهم حاجاتهم التى لايستطيع الآباء أن يستشعروها0وكأني بالطفل بعد اكتشافه هذا بفترة وجيزة يقول لنفسه:(وما الذي يجبرنى الآن علي أن أظل مستكينا طبعا اتكاليا كما كنت في الماضي لقد جاوزت الآن مرحلة الالتصاق وأصبح لي كياني المستقل  فلأجرب إذن هذه القدرة الجديدة علي الانفصال والاستقلالية،فلأجرب التمرد علي كل ما يحول دون حصولي علي اشباعاتي)  


ويبدأ الطفل بالفعل في إجراء التجارب لقياس حدود هذه القدرة الجديدة 
إنه يتعلم مثلاً أن كلمة(لا)تعني الرفض  ولايكتفي طفل الثانية بأن يستعملها ليعبرعن رفضه لما لا يرغب فيه فحسب،بل إنه ليقولها ردا علي أي شئ يقدم له، أو أي اقتراح يعرض عليه،سواء أكانت له فيه رغبة، أم لم تكن  وما أسعد طفل الثانية عندما يفعل ذلك   لقد نجح الصغير في اكتشاف قدرته علي التأثير في الكبار المحيطين به، والسيطرة عليهم   وليس هنلك من والد لم يلحظ تلك الظاهرة المألوفة عند طفل الثانية: العناد والسلبية   ولكن القليل منهم من يعرف أن هذه الظاهرة هي أكبر شاهد علي الحاجة الملحة، لطفل هذه السن، إلي تأكيد ذاتيته وقدرتهعلي الاستقلال والتلقائية  

وبتقدم السن عند طفل هذه المرحلة ، تعبر هذه الحاجة عن نفسها بأسلوب أكثر نضجا، أسلوب توضحه بصدق عبارة(أنا أستطيع أن أعملها)   أو(أنا أستطيع أن أقوم بذلك    )إذ يصر الطفل باستمرار علي أن يقوم بنفسه بعمل الأشياء التي يريد الأبوان أن يقضياها له  وهو لايقول هذه العبارة كاملة عندئذ بالطبع، بل يظل يكرر بتأكيد شديد كلمة(أنا    أنا   أنا )في كل مرة يريد فيها أبواه أنيلبساه ملابسه،مثلا،أو يساعداه في خلعها،أو يطعماه او يجلساه علي المكان المخصص للإخراج أو ما إلي ذلك    والواقع أن لدي الأطفال فيهذه المرحلة من المهاراتالمتزايدة والمتنوعة، ما يمكنهم من أداء الكثير من تلك العمليات البسيطة بالكفاءة الازمة   وفي كل مرة ينجز فيها الطفل شيئا من ذلك،يغمره شعور بالفخر لما يحققه من الاستقلال والذاتية   ذلك أن الطفل عندئذ تتكون لديه صورة عن ذاته بأنه قد أصبح كالكبير، يستطيع أن يتعامل مع المواقف بكفاءة، ويستطيع أن يقوم بنفسه بإشباع الكثير من حاجاته
إن املاحظ اطفل هذه المرحلة قد يتعجب للقدر الذي زود به من الطاقة والأصرار علي بذل الجهد تلقائيا في مثل تلك المواقف
فمجرد أن يبدأ الطفل في القيام بعمل شئ، مثل لبس ملابس النوم، أو ربط حذائه، فإنه يظل يحاول جاهدا المرة بعد الأخري حتي يتمكن في نهاية الأمر من النجاح في القيام بهذا العمل بمفرده  وبالويل الكبير إذا تدخل في الأمر وحاول أن يساعده  إن الطفل ليرفض رفضا باتا مثل هذه البادرة الكريمة٠٠  وحتى لو أعيته الحيل، وكان مستعدا ليقبل المساعدة، فإن ذلك يكون فقط في الحدود التي تعينه علي تخطي العقبة التي تمنعه من الاستمرار  ثم بعد ذلك يجب أن تخلوله الساحة مرة أخري ليقوم وحده بكل العمل
وطفلنا في هذه المرحلة لايحب أن يقصر نشاطه علي ما يخصه وحده،بل إن لديه من الطاقة،وتنوع الاهتمامات ما يجعله يوسع من دائرة نشاطه هذه، بحيث تشمل كل ما يمكن أن يقوم به الكبير فما أسعده عندما يقوم بجر عربة الشاي مثلا، أو طيها، أو الاسراع بفتح الباب عند سماع الجرس، أو الاستجابة لنداء الهاتف، وغير ذلك كثير  إن كل عمل من هذه الأعمال يشكل بالنسبة للطفل مباراة كبرى تتحدي حاجته الملحمة إلي السيطرة واثبات الذات 

وحتي بدون أن يكون لديهم هدف محدد، فإن نشاط الأطفال في هذه المرحلة لا يهدأ، إنهم يفضلون الجري علي المشي،والصياح علي الهمس، ولايكفون طوال الوقت عن الحركة، والكلام والتخطيط، واللعب والسؤال والاستطلاع  فطفلنا إذ يكون مدفوعا بشكل أولي إلي تحقيق ذاته والسيطرة علي البيئة المحيطة به، لاشك في أنه يجد في الحركة والأستطلاع ما يؤكد له هذا الشعور  ذلك أن تزايد النشاط سواء في اتجاه الحركة، أم في اتجاه الاستطلاع، إنما هو اختيار عملي لمدي ما يمكن أن يصل إليه الطفل من كفاءة في سبيل تحقيق ذلك الدوافع الأولي 
فالأطفال بمجرد تعلمهم الجري مثلا يجدون لذة كبرى في أن يرتعوا حول الحجرة، أوعبر الحجرات، متظاهرين بأنهم خيول جامحة أو سيارات سباق
ولايوجد طفل عمره أربع سنوات لم يمارس القفز من أعليا المائدة، أو من أعلي الدرج  وقد يوحي إليه القفز من مكان عال بالطيران في الجو  وقد يدفعه ذلك إلي استكمال اللعبة فياف المنشفة حول رقبته ويطرحها وراء ظهره، ويتظاهر بأنه رجل الفضاء أو(السوبرمان)، ويتحول القفز إلي طيران ولو لمدة قصيرة ٠  وقد تتحول هذه المهارات الحركية من مجرد ألعاب في ذاتها، إلي مهارات تستغل في ألعاب اخري، كالمطاردة أو لعبة الصياد أو السباق، أو غير ذلك  وهكذا تستمر هذه الحركات الشيطانية، والاندفاع في الجري والقفز طوال النهار، وفي كل جزء من أجزاء المنزل، حتى أن الملاحظ لطفل هذه المرحله يجد أنه لم يعد يمارس المشي العادي ،بل أن مشيه قد تحول إلي جري وقفز في أي مكان يتواجد فيه0وإن هذه المهارة الجديدة هي بلاشك مصدر سرور لايقدر بالنسبة للطفل
وبالمثل في النشاط الغوي
فطفل هذه المرحلة لايكف عن الكلام والسؤال والاستفسار   حتي عندما يكون وحيدا فإنه يتحدث إلي نفسه أو إلي الدمي التي يلعب بها   إنه بالفعل قد اصبح ثرثارا   ولايروق للاطفال عندما يتكلمون أن يهمسوا   بل هم يفضلون دائما أن يصيحوا، وترن الكلمات في آذان الكبار المحيطين بهم كالأجراس، في كل وقت وفي كل مكان   ويساعد الطفل علي ذاك، النمو المذهل لقدرته علي الكلام
تلك لمحة سريعة عن طبيعة الطفل في هذه المرحلة فماذا عن موقف الأبوين؟
المواجهة والتناقض:
إن أكثر الآباء صبرا قد لايلام علي ما يبدر منه عندمايصبح هذا النشاط التلقائي من ناحية الطفل مزعجا  حقا إن الطفل يكون مدفوعا في ذلك بالحاجة إلي تأكيد ذاتيته التعرف علي البيئة المحيطة وتوسيع دائرة الطفل لكل من العالمين المادي والاجتماعي   ولكن الآباء في الأغلب لايفلسفون الأمور علي هذا النحو  فالوالدان اللذان قد يسعدهما أن يريا ابنهما وقد زادت سرعته في الجري إلي هذا الحد ، لايحتملان منظره وهو يلف ويدور حول مائدة الطعام أثناء تناولهما للعشاء ، أو عندما يفعل ذلك والأسرة جالسة للاسترخاء بعد وجبة دسمة، أوعندما يكون لديهم بعض الزوار   كذلك قدلا يطيق الأب أن يستمع الي العديد من الأسئلة التي يمطره بها طفله عندما يكون مستغرقا في التفكير أو القراءة، أو عندما يكون قد وصل إلي المنزل لتوه بعد يوم عمل شاق 
والأمثلة في الواقع متعددة   انظر إلي ذلك الطفل ذتي الثلاث سنوات الذي يرفض أن تظل أمه ممسكة بيده في الطريق العام، ويصر علي أن يتحرز من ذلك القيد وربما أفلح في ذلك وكاد يندفع ليعبر الطريق من مكان خطر   أو ذلك الذي يتخفي عن نظر ابويه فجأة، ولاتكاد أمه تفطن إلي ذلك وتبدأ في البحث عنه، حتي تصل إلي أذنيها صرخة مدوية من حجرة النوم    إنها صرخة المولود الجديد الذي كان نصيبه من أخيه هذا عضة قوية ، كادت تقتلع جزءاً من لحمه   أمثلة عديدة من السلوك التلقائي الذي يصدرعن طفل هذه المرحلة، وربما كان من أشدها وقعا علي الأبوين ما يتصل بالإخراج، او بالنواحي الجنسية، كاستعمال الألفاظ الخارجة عن الادب، أو العب بثأعضاء التناسل أو ما إلي ذلك
ولا بد هنا من وضع القيود   وتبدأ القيود:بالأوامر والنواهي، وطلب الكف عن هذا والقيام بذاك  وغالبا لايستجيب الطفل تلقائيا لتلك الأوامر والنواهي   ولكن الطفل الذي يستطيع أن يتكلم، يستطيع (في نظر والديه)أن يفهم،ولابد أن يكون لديه أيضا تقدير للأمور  فأذا لم يستجب فلابد من اتخاذ وسيلة أو أخري لضبط سلوكه التلقائي،وتهذيبه بحيث يصل في نهاية الأمر إلي ما تتوقعه منه الثقافة في هذه المرحلة  ولكن ما الذي تتوقعه الثقافة التقليدية من الطفل في هذه المرحلة؟
متطلبات النمو:
تتوقع الثقافة من الطفل أن يكون في نهاية هذه المرحلة قد تمكن من:
1_ضبط النفس ،أي ضبط السلوك التلقائى، والتصرف بشكل ((مذهب))أميل إلي ((التعقل)) منه إلي الاندفاع،وتأجيل اشباع الرغبات،عندمايتطلب الموقف ذلك،دون ما أو توتر 
2_السيطرة تماما علي المهاره اللغوية 
3_استخدام الوحدات الأساسية التى يتضمننها النشاط المعرفي، وهذه الوحدات
هي:الشكل العام  الصور الذهنية الرموز   المفاهيم  القواعد
4_النمو الخلقي،أي تمثل قيم ومعايير الوالدين، كأحترام ملكية وحقوق الآخرين،والكف عن العدوان غير المشروع،وما إلي ذلك
5_التوحد مع الدور الجنسي المحدد له بحكم جنسه الطبيعي
6_القدرة علي اللعب مع الآخرين
تلك هي المتطلبات النمائية لهذه المرحلة وفي سبيل تحقيقها يقع الطفل بين فكي الكماشة:بيندوافع اولية عنيفة وقوية،تنحوبه نحو الاستقلال،وتأكد الذاتية والسيطرة،وما يتبع ذلك من نشاط زائد،وبين ثقافة تقليدية تقيم الحواجز والقيود،وتضع الضوابط علي ذلك النشاط التلقائقي  وهذا هو التناقض الرئيس الذي يقع فيه المرحلة

فماذا تكون النتيجة؟

الاستقلالية والبادأة في مقابل الخجل والشعور بالذنب:
الواقع أن ما يؤول إليه موقف الطفل هذا يتوقف إلي حد كبير علي اتجاه الوالدين  فإذا كان للطفل أن يصل إلي أية نتيجة ايجابية في حل هذا الصراع،فإن ذلك يستلزم صبرا وتشجيعا إلي أبعد حد من ناحية الكبار  ذلك أن رغبة الطفل في النشاط الذاتي في هذه المرحلة،عادة ما تكون ملحة، تتحدي كل نية حسنة للوالدين، اللذين يجدان أن عليهما واجبات كبيرة لكي يرتفعا إلي المستوى المطلوب   فعليهما أن يتعلما الصبر،وأن يمتدحا طفلهما ويشجعاه ويساعداه،علييهما أن يمتصا((الاهانات))في بعض الحيان، وأن يظهرا من المشاعر مالا يشعران به حقيقة، وأن يسمحا للطفل-مرغمين-بمحاولة القيام بأشياء يعرفان مقدما أن الصعب عليه القيام بها0فاذا نجح الأبوان في ذلك كله، واستطاعا أن يتحملا العبء الشديد في تشجيع الطفل علي ممارسة سلوكه التلقائى،وتجريب أعمال جديدة باستمرار،كان الأمل كبيرا في تنمية الشعور بالكفاءة لديه،والوصول به إلي الأساس الضروري للنمو السوى في المرحلة التالية0إن الأطفال الذين تتاح لهم هذه الفرصة يكتسبون قدرا من الثقة بالنفس بما يجعلهم يجدون متعة كبرى في التصرف بشكل استقلالي والقيام بواجبات النمو لهذه المرحلة علي أكمل وجه، والانتقال ثم بسلام إلي المرحلة التالية 
علي أن بعض الآباء قد لايستطيع ذلك  وبدلا من التشجيع قد يعمد هؤلاء إلي النقد والإحباط ، والإِصرار علي حجب تلك الخبرات الايجابية عن الطفل 
وتكون النتيجة عندئذ هي نمو شعور جارف من الخجل والشك والشعور بالذنب
وتلك هي النتيجة التي قد يصل إليها الطفل بنهاية هذه المرحلة 
إن مثل هؤلاء الأطفال يفقدون الثقة في أنفسهم،وفي قدراتهم علي الأداء، ويتوقعون الفشل فبهما يقومون به 
ولما كانت مثل هذه المشاعر شيئا مؤلما، لذا فإن الطفل،تجنبا لها،قد يعزف عن القيام بأي نشاط جديد   وعلي ذلك يصبح اكتساب المهارات الجديدة بطبئا ومؤلما،ويحل محل الثقة بالنفس شعور دائم، بالشك في القدرة علي القيام  بأي عمل جديد،ويرتاح الطفل فقط إلي الإقدام علي المواقف المألوفة،والتي يكون التصرف فيها معروفا ومحددا،وحيث يكون احتمال  الخطأ في أدنى حدوده،وفي هذا تعطيل للنمو  علي أننا يجب أن هذا النموذج هو الحد الأقصي للنمو السلبي في المرحلة 
       ·إن الأطفال في الظروف العادية يمرون وسط خبراتهم الناجحة المتعددة بخبرات من الفشل لامناص عنها   ذلك أن أكثر الآباء صبرا،قدلا يتواني عن تقريع طفله، عندما يقوم ذلك الأخير بإزعاج الآخرين، أو إحداث الفوضى في مكان تواجده  علي أن مثل هذه الأحداث قد تساعد الأطفال علي أن يقيموا مهارتهم،واستقلالهم تقييما أكثر واقعيية  وتتواقف النتيجة في نهاية الأمر ليس علي حدث بالذات،أو علي مجموعة قليلة من الأحداث، بل علي الجو العام الذي ينشأ فيه الطفل    فإذا كان ذلك الجو قد سمح له بتنمية التلقائية والشعور بالكفاءة فإنه سوف يظل مع ذلك((يتساءل))عما إذا كان يستطيع أن ينجح في هذا الموقف الجديد أم لا   إلا أنه غالبا ما يكون مستعدا لتجربة نشاطات متعددة  

خاتمة:
مهما كان الأمر من ظروف التنشئة الاجتماعية التقليدية وأيا كانت النتائج النهائية لها،فإن طفلنا في هذه المرحلة يجد نفسي اجتماعي يفرض عليه نوعا من التناقص لامناص عنه   والطفل ليس كائنا سلبيا يستجيب لما يريده منه  الآخرون ،بل هو كائن إيجابي ،أي أنه يسعى بإيجابية للحصول علي حلول توافقية لذلك التناقض 
وعندما نقول ((يسعي)) فإننا لانعني بذلك أنه يخطط عن وعي ، بل نقصد أن ردوده الطبيعية علي الأحداث هي عبارة عن محاولات تلقائية (ميكانزمات)للتخلص من التوتر الذي قد تثيره لديه هذه الأحداث
وفي محاولات الطفل التلقائية للخروج من نطاق ذلك التناقض المحتوم، نجد تفسيرا لمعظم الخصائص التي يتميز بها في هذه المرحلة، سواء كان ذلك في نواحي النمو الحركي أو العقلي (المعرفي)أو اللغوى أوالانفعالي أو الاجتماعي ،وسواء فيألعابه او في ميوله،أو في أي مظهر آخر من مظاهر نموه  وسوف تكون مهمتنا في الفصول القادمة توضيح ذلك كله بشئ أكبر من التفصيل

0 التعليقات:

إرسال تعليق